الاثنين، مارس 29، 2010

أنَا لاَ ابغيِ الفرار مِنْ ذكْرياتِي , أنا اريدُ حَملك لحزني المُضيء ..






أجلسٌ أمام عينيكِ , عينيكِ البريئتينْ التيِ لم تشهدْ حرباً مِن قبل ولم تبكيِ يوماً على جثة تفحمت فيِ القلب قبل أن تلتقط صورها اجهزة تصويرهم المندهشة , عينيكِ التيِ ترانيِ رجلاً كـ المعجزة لأنه ظل يحتفظ ببعض جمال رغم كل شيء , جمال كانَ يكفيه جداً ليحظى بمقعدٍ أمام هيبةِ عينيكِ ..


عن ماذا ستسأليني
عن شَرعية الحرب ببلديِ
أم عنْ نفطْ كفن عشيرتيِ بسوادِ طالعه ؟

عن عدد الذينَ تساقطوا أماميِ دافعين بأرواحهم للسماء
أم عنْ عدد المرات التيِ هربت بها من الموت المحدق برعب إليْ

عن اطفالِ اصدقائيِ الذين ولدتهم أمهاتهم بين الغيوم
أم عن وطنيِ الممزق
أم عن جيرانه المنزعجون
أم عن حبيبتيِ الميتَة
أم عنْ يتم روحيِ ؟

يابياضاً لم تطولهْ أقلام الألم
عن ماذا سنتحدثْ

عنْ اشعاريِ الحزينة
عن تصويريِ الذيِ ترينه مرعباً !
عن قصصيِ الموجعة
عن ابطاليِ البؤسَاء
عن دمعيِ الامنتهيِ


هل تحبينَ حكايات المنافيِ ؟
هل تجذبكِ قصص الاجئين ؟


لا أملكُ غيرهَا بجيوبِ أحاديثيِ , توقفتْ الحياة عن تدريسيِ عند مرحلَة البؤس ..
لمْ اطلعْ علَى مناهج الفرح
ولم أتعلم كيفَ أبتسمْ وسطَ دخان كئابتيِ !

يارقيقة مَا الذي رمَاكِ لأحضَان حزِين مثلي ؟
كيفِ انستِ بعينيهِ وادٍ ذي بهجة ؟

أخبريني , أنا ماعدت اقدر على مزيداً من الحديث
أنا اشتاق في عينيكِ منفى , وقصيدة لايلوثها موت
أنا لا ابغيِ الفرار من ذكرياتي , أنا اريد حملك لحزني المضيء ..


سأمر بك على جنة أدعوها طفولة
سأمسك بأصابعكِ الناعمة وأرسم لك على طاولة المقهى اثار جمالها
الأشجار المثمرة , الإبتسامات الممتدة , الدراجات , الاطفال , الحلوىَ , الكذباتْ الملونة ..
وبعدهَا دعينيِ أنفض قماشْ الطاولة بهدوءْ لأسكبْ لون الدمَ وسواد الموت على جنتيِ
وأبعثر الضجيجْ علَى مواطنْ جمالهَا , هلْ ترينَ كيفَ تبدو الطاولة التيِ كانتْ جميلة , تعيسَة جداً !
هَل علمتِ كيفَ تُحولُنَا الحربْ لبؤسَاءْ ؟

ايكفيكِ يابريئَة الذكرياتْ ؟
أم تودينَ أن احكيِ لكِ عذاباتْ لم أعرفهَا فيِ طفولتيِ ؟
عذابَاتْ لمْ تلقنك إياهَا الحياة ..


يا نَاعِمة , لا أريد أن ارعبكِ بقصصيِ على أرصفة الوحشَة
وذليِ فيِ محطات غربتيِ
وقلبيِ الذيِ بات مقبرة تحتضن فيِ كل يوم ألف وألف قتيل
لا تهدأ دمائهم !

تمتميِ يانقيّة انشودة مواساتك ودعيِ حكاياتْ الحربْ
وأحكيِ ليِ ماذا ترينَ بعينيِ أمامكْ ؟
لاَ لاَ تحكيِ ليِ عن حزنيِ , يكفينَا
أحكيِ ليِ عن عينيكِ , كيف تبدو براقة لامعَة بحب الحياة هكذا ؟!



إسراء اسكوبي

هناك 5 تعليقات:

  1. نص لا يضاهيه لا أقول عشرات بل مئات النصوص ،
    في كل قراءة أردد ما شاء الله تبارك الله

    رائعة وأكتفي

    ردحذف
  2. وتبقى قصص الارواح أبرز ما يترنم عليه العاشقين ، فالنتنفس أكثر .

    صباحك سكر

    ردحذف
  3. شكراً لك , وكلمات كهذهِ ارتديها ابد الدهر وشاحاً يقينيِ صقيع اليأس وبرد الفراغ ..

    شكراً ولا تكفيِ (f)

    ردحذف
  4. اهلاً بك اخي عمر

    ممتنة لوجودك ورقيق اطرائك


    صباحك جمال وفرح ..

    ردحذف
  5. اللّه يا إسراء !
    أيّ بذخٍ في تصوير المعاناة هُنا ،
    حوارٌ بالأعلى أراه سرمدي ما دامت الحروب تعصفُ بقلوب بني آدم ،
    أعزّ الله قلمك .

    ردحذف